النية والأجر في الفنون القتالية
--------------------
رسالة عدنان الطَرشَه إلى أهل الفنون القتالية/الرسالة الأولى
-----------------------
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
إخواني مدربي وتلاميذ الفنون القتالية/ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
الأمر الشرعي:
قال الله تعالى: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ﴾[1]. إن أول قوة على المسلم أن يعدها طاعة لهذا الأمر الإلهي هي قوة البدن ومهارة القتال.
فقد خطب رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ذات يوم على المنبر فقال: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي»[2]. وكما كان الرمي قديمًا بواسطة القوس والسهام، فيمكن أيضًا أن يكون بأي سلاح ناري يُرمى به. وكذلك الرمي يكون باليد والرجل كما هو الحال في قتال الفنون القتالية. وما يقال في حق الرمي ينطبق أيضًا على الفنون القتالية.
ويقول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في الحديث الذي أخرجه مسلم: «المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير»[3]. وحتى يكون المسلم قويًا في بدنه لا بد له من تعلم وممارسة الوسيلة المناسبة لتحقيق هذه الغاية، وإن من أهم الوسائل لتحقيق هذه الغاية هي الفنون العسكرية القتالية.
الأجر على النية الصحيحة:
لا شك أن من حق المدرب أن يأخذ الأجر المادي على تدريبه.. ولكن المدرب بإمكانه أيضًا -إضافة إلى المال في الدنيا- أن يجعل لنفسه في الآخرة أجرًا عند الله لا يعلم قدره إلا الله وحده، يكون للمدرب نصيب منه في الآخرة وكذلك يكون له نصيب منه في الدنيا في مجالات مختلفة، فكيف يمكن لمدرب الفنون القتالية أن يكون له أجر عند الله؟
لقد علَّمنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنه يمكن للمسلم أن يكون له أجر في كل شيء يعمله؛ وذلك إذا أحسن النية فيما يعمله وأنه إنما يعمله لله تعالى، فهو يمكن أن يأكل ويكون له أجر، وأن ينام ويكون له أجر، بل وأن ينكح ويكون له أجر... إلخ وليس هنا محل شرح هذه الأمور، ولكن الشاهد من ذلك أن مدرب الفنون القتالية أيضًا يمكن أن يدرب ويكون له أجر عند الله، وذلك إذا كانت نيته أنه يدرب المسلمين طاعة لأمر الله تعالى بأن يعدوا أبدانهم ما يستطيعون من قوة، وأنه يريد أن يدربهم حتى يجعل منهم أقوياء لكي يدافعوا عن أنفسهم وعن أهليهم وأعراضهم، وعن أموالهم... إلخ.
وكذلك الأمر بالنسبة لتلميذ الفنون القتالية؛ فإذا كان يتدرب بنية طاعة الله في أنه يعد ما استطاع من قوة، وأن يكون مؤمنًا قويًا في بدنه، فسوف يكون له أجر من الله تعالى، وسيكون أيضًا خيرًا وأحبَ إلى الله من مؤمنٍ آخرٍ ضعيف.
وهكذا أخواني المدربين وطلاب الفنون القتالية نرى أنه يمكن للإنسان أن يمارس الفنون القتالية ويكون له أجر على ذلك في الآخرة بشرط وجود النية الشرعية الصحيحة... وههنا أمانة تقع على عاتق المدربين وهي أن يوصلوا هذا المفهوم إلى تلاميذهم، وأن يصوبوا لهم نواياهم حتى يكون هناك أجر للمدرب والتلاميذ على السواء[4].
وختامًا أسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علَّمنا، وأن ينفع بنا غيرنا من المسلمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلَّم تسليمًا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم
عدنان الطَرشَه
[1] سورة الأنفال، الآية: 60.
[2] أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب: فضل الرمي والحث عليه.
[3] أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب الإيمان للقدر والإذعان له. [4] هذا الموضوع في موقع عدنان الطرشه النية والأجر في الفنون القتالية، وانظر كتابه (الصلاة والرياضة والبدن).